“مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، يقول لـ””العربي الجديد””، عن الأعوام الأشد قسوة في الثورة السورية على السوريين: “”أشدّها لناحية الخسائر البشرية هو عام 2012، الذي شهد أقسى الهجمات الوحشية من النظام السوري، وشهد أكبر أعداد من الضحايا. وفي أحد أشهر صيف 2012 سجلنا أكثر من ستة آلاف ضحية بسورية قتلوا على يد قوات النظام، بمعدل 200 مواطن سوري في اليوم. ويجب أن نذكر أنّه في عام 2012، لم يكن هناك تنظيم داعش أو غيره، بل إنّ قوات المعارضة كانت في طور التشكل، وهو ما يؤكد على وحشية النظام السوري، فهو لا يضيع فرصة لارتكاب هذه الجرائم. وبالنسبة لحصيلة المعتقلين، فقد كان من أكثر الأعوام قساوة، إذ كان النظام يسيطر على المدن والبلدات وفي إمكانه دخولها لاعتقال المئات، ولم يكن أحد قادراً على إيقافه عامي 2011 و2012″”.
مع سؤاله عن إمكانية التدخل الدولي لوقف شلال الدم بحق السوريين، خصوصاً بعد الأعداد المهولة من الضحايا تحت التعذيب وضحايا القصف والغارات الجوية، يوضح عبد الغني: “”لا نعتقد أنّ هناك حراكاً دولياً، وهو أمر مخزٍ للمجتمع الدولي ومجلس الأمن والأمم المتحدة والدول المتحضرة، ويفترض أن يكون هناك حراك دولي منذ عام 2011 وصولاً إلى اليوم. المطلوب من الدول حالياً، وإن تأخر الوقت، أن تعمل على الضغط الاقتصادي والسياسي، فتمنع التعامل مع هذا النظام وتمنع أموال إعادة الإعمار عنه، ليجري تضييق الخناق عليه، ويرضخ للحلّ السياسي، وهذا الأمر قد يؤدي إلى نتيجة لكنّه في حاجة إلى وقت طويل قد يستغرق سنوات، على حساب شلال الدماء المستمر، والقصف على إدلب، وعمليات الاعتقال التي ما زالت مستمرة، كما عمليات التعذيب””.
حول التوقعات للشمال السوري، والمرحلة الصعبة التي يمر بها من تصعيد من قبل قوات الحلف السوري – الروسي تستهدف بالدرجة الأولى المدنيين، يقول عبد الغني: “”الشمال السوري حالياً يتعرض لأمرين؛ الأول هجمات قوات النظام بشكل أساسي على إدلب بمشاركة القوات الروسية التي تبدأ هجماتها عند تعرقل أيّ محادثات بينها وبين تركيا. وهو أسلوب الغدر نفسه الذي كان النظام يعتمده عند تعثر أيّ مفاوضات، فيذبح المدنيين وينفذ عمليات قصف بربرية ضد المناطق. أما الأمر الثاني فهو سيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) على إدلب التي أضرت بالأهالي والمجتمع والمنظمات، فمعظم الدول أوقفت التمويل، وأوقفت العمليات الإغاثية على الأرض، ما زاد من وطأة الكارثة على النازحين ممن سينزحون مرة أخرى بسبب عمليات القصف””. يضيف: “”ليست هناك حلول عاجلة، بل حلول على المدى الطويل، وتكمن بالتخلص من التنظيمات المتشددة التي جلبت الويلات إلى سورية ومجتمعها، وإعادة تشكيل مقاومة وطنية محلية، وبالتالي عودة المساعدات الأممية والدولية التي تعزز قوة المجتمع، كما ستكون هناك مجالس محلية منتخبة يتبع لها جهاز شرطة وقوى عسكرية، لتقديم نموذج جيد عن سورية، وهذا ما لا يريد النظام للثورة أن تصل إليه، فاستغلت التنظيمات المتشددة هذا الأمر لتثبت أنّها موجودة لتكتسب شيئاً من الشرعية، وعلى صعيد توقف الهجمات، نحن نعتقد أنّه إذا بذلت تركيا مزيداً من الجهود في هذا الاتجاه، ودفعت مزيداً من القوات ونقاط المراقبة، فقد يساهم ذلك بتخفيف القصف عن المدنيين، ويمنع النظام من الاجتياح البري للمناطق””.”