“وللحديث عن التقييم القانوني للانتهاكات المنسوبة للتحالف الدولي، توجهت عنب بلدي إلى فضل عبد الغني، مدير “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، للاستفسار حول آلية التعامل مع الانتهاكات بحجة “مكافحة الإرهاب”، وقال “أصدرنا كمًا كبيرًا من التقارير عن المجازر التي ارتكبتها قوات التحالف الدولي بحق المدنيين، وسجلنا مرتين قصفهم للمعارضة المسلحة”.
وأشار عبد الغني إلى أن “هناك مجازر كثيرة وقعت بحق المدنيين وقلنا إنها ترقى لجرائم حرب، لأن قوات التحالف دخلت سوريا على خلفية النزاع، ووجب عليها الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، والتمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية”.
وعن محاولة تبرير التحالف أخطاءه بحجة “معلومات خاطئة”، قال عبد الغني “لا تهمنا التفاصيل في أنها حصلت على معلومات استخباراتية خاطئة من حلفائها على الأرض، وحدات حماية الشعب الكردية أو قسد (قوات سوريا الديمقراطية)، هم من يتحملون المسؤولية الكاملة”.
وتابع موضحًا آلية عمل الشبكة، “نصدر تقارير توثق المجازر، ونرسلها إلى دول مشاركة في التحالف، وبشكل أساسي إلى الخارجية الأمريكية، وهم على اطلاع كامل عليها”، منوهًا أن “الخارجية سألتنا مرارًا عن تفاصيل بعض الحوادث، وفتحنا هذا الموضوع عندما التقينا معهم مؤخرًا وحملناهم المسؤولية”.
وبناءً على التقارير التي أصدرتها الشبكة الحقوقية، اعترفت وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاغون) بـ 71 حادثة لقصف قتل فيه مدنيون فقط، بحسب عبد الغني، مستطردًا “نملك ملفًا بالحوادث التي اعترف بها”.
بينما اعتبر منيف الطائي، مدير منظمة “أورنامو للعدالة وحقوق الإنسان” في سوريا، أن التحالف الدولي “لا يأبه لقانون الحرب”.
وأضاف في حديث إلى عنب بلدي أن “التحالف الدولي مكون من قرابة 60 دولة تصنف نفسها على أنها مدافعة عن حقوق الانسان، وهي لا تأبه لقانون الحرب بوجوب تحييد المدنيين عن الصراعات”، داعيًا الأمم المتحدة للتأكيد على هذه الدول بوجوب “التزامها الصارم بتحييد المدنيين”، محذّرًا أن تكرار المجازر “يقوض من مصداقية التحالف في حربه ضد داعش”.
ولا يمكن تقييم ما ارتكبته قوات التحالف من مجازر بحق المدنيين إلا كـ “جرائم”، بوجهة نظر الكاتب والباحث السياسي السوري ساشا العلو، موضحًا أن من واجب الأمم المتحدة التدخل للحد منها، وفتح تحقيق جدي بما يتعلق بطبيعة تلك “الجرائم”، خاصة وأنها تزامنت بين الموصل وسوريا بشكل مثير للشك، وتسببت بعدد كبير جدًا من الضحايا، بحسب تعبيره.
وأبدى العلو، في حديث إلى عنب بلدي، استغرابه من تصريحات رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، والتي لم تطالب بوقف العمليات العسكرية في الموصل، وإنما اعتبرت التصعيد الإعلامي ضد التحالف الدولي دعاية من قبل تنظيم “الدولة” لعرقلة العمليات العسكرية، في حين “لم نشهد في سوريا أي إدانة للمجزرة من قبل مؤسسات المعارضة الرسمية أو حتى النظام”.
نتائج التحقيقات في انتهاكات التحالف، لو فتحت، لن تظهر قريبًا وإنما قد تمتد إلى سنوات، كما رجّح العلو، وأضاف “لعل تجربة الانتهاكات للجنود الأمريكيين في العراق بعد الغزو عام 2003، والتي لم تتحول إلى قضايا وملفات حتى الانسحاب الأمريكي، قد تدلل على طبيعة التعاطي مع هذا النوع من الملفات”.
ويرى المختصون الثلاثة، أن الاعتراف بالانتهاكات، هي خطوة معنوية للتحالف في الاتجاه الصحيح، لكنها لن تكون كافية، وقال فضل عبد الغني إن الاعتراف “لابد أن تتبعه خطوات أولها توقف المجازر، وتدارك الأخطاء التي اعترف بها التحالف بالأصل، ومن ثم تعويض أسر الضحايا وتعويض الخسائر المادية، ومحاسبة ومحاكمة الضباط الذين ارتكبوا هذه الجرائم يجب أن تكون علنية ليرتدع الضباط الآخرون”.”