لا يتحدث “أبو أحمد” كثيراً عن إصابته في غارة للتحالف الدولي على مدينة الرقة ، إلا أنَّ جراحه الغائرة في جسده الستيني تحرضه على البوح بتفاصيل أراد
تناسيها، ” في الرابع والعشرين من شهر رمضان الماضي حسب ما أذكر، خرجت مع صديقي لتوزيع الماء على أحياء الرقة ورافقنا طفل عراقي من اللاجئين إلى المدينة، وصلنا إلى بئر الماء ثم فجأة وجدت نفسي ملقى على الأرض و غير قادر على النطق إضافة إلى صفير قوي في أذناي”.
ويتابع أبو أحمد لموقع تلفزيون سوريا” أصبح المكان مظلماً و الجو مليئ بالدخان والغبار إثر قصف جوي، وكأن الموت أصبح قريباً مني، لم أستطع النطق بالشهادة لأن أنفاسي انقطعت… ولكن في لحظة ما استطعت التنفس وصحت (الله ياالله) أصدقائي …وبدأت أبحث في العتمة عنهم”.
أصيب صديق أبو أحمد والطفل العراقي بشظايا ناتجة عن الإنفجار، خرج أبو أحمد من دائرة الخطر باحثاً عن مساعدة ليستفيق في اليوم التالي في أحد مستشفيات المدينة، أما محله التجاري فقد تحول إلى ركام وهو يأمل بإعادة بنائه بعد أن عاد إلى الرقة.
بدأت غارات التحالف الدولي على تنظيم الدولة بسوريا في 23 من أيلول الماضي 2014، وكانت الهجمات التي نفذها عام 2016 وحتى نيسان 2017 أكثر عشوائية وتسببت بمقتل المئات وبدمار كبير في المراكز الحيوية المدنية.
وأدت غارات التحالف لمقتل 2715 منذ 23 من أيلول 2014 و حتى شباط 2018 بحسب تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان، واستهدفت أولى الضربات الجوية مواقع التنظيم في مطار الطبقة العسكري واللواء 93 في محافظة الرقة شمال شرقي العاصمة دمشق.
تركزت الهجمات الجوية على محافظتي الرقة ودير الزور، وقُتل في الرقة معقل التنظيم سابقاً 1025 مدنياً حتى 23 من أيلول 2017 حسب تقرير الشبكة السورية الذي يوثق حصيلة الضحايا منذ بدء ضربات التحالف الدولي.
يلي الرقة ريف حلب الشرقي وأدى القصف الجوي لمقتل 729 مدنيا و في دير الزور سجلت الشبكة مقتل 226 مدنيا وفي الحسكة 132 مدنياً في تل الجابر وقرية الجزاع، أما في حمص قتلت صواريخ التحالف 51 مدنيا وفي درعا جنوبي سوريا 5 مدنيين، وفي إدلب 118 مدنياً.
الرقة..المعركة الأعنف
معظم المناطق التي استهدفتها الغارات هي مناطق مدنية لا يوجد فيها مواقع عسكرية أو مخازن أسلحة أثناء تنفيذ الهجمات أو قبلها، ويقول مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني لـموقع تلفزيون سوريا،”من وجهة نظرنا كانت معركة السيطرة على الرقة هي الأعنف بسبب أهمية المحافظة لتنظيم الدولة الإسلامية حيث تعد أهم معاقله و رمزاً مهماً للتنظيم كونها أول محافظة خضعت لسيطرته ونظراً لموقعها الاستراتيجي الواصل بين المناطق الشمالية والشرقية، وهذا ما جعله يستميت للدفاع عنها وبالتالي كانت هجمات التحالف وقوات سوريا الديمقراطية أكثر عنفاً”.
ويضيف عبد الغني أنهم سجلوا هجومين بالأسلحة الحارقة استخدمتها قوات التحالف في قصفها على مدينة الرقة يومي 8 و 9 حزيران 2017، واستهدفت حيي السباهية والرومانية وهي المرة الأولى التي توثق فيها الشبكة استخدام قوات التحالف لهذا النوع من الأسلحة .
ويتابع”بحسب ما رصدناه فإن هجمات التحالف تسببت في دمار واسع في محافظة الرقة، وقد سجلنا خلال معركة الرقة مالايقل عن 81 هجمة استهدقت مراكز حيوية مدنية كالمستشفيات والجسور والمدارس بالإضافة الى مئات الهجمات التي استهدف أحياء سكنية
ويمكن أن نقدر نسبة الدمار الذي حلَّ في المحافظة والناتج بشكل أساسي من هجمات التحالف بقرابة 60 في المئة من البنى التحتية والأحياء السكنية”.
رابط المصدر: https://www.syria.tv/Zat