إنّ الفظائع المستمرة التي يرتكبها النظام السوري ضد شعبه موثقة جيداً منذ بداية الانتفاضة الشعبية في آذار 2011. وعلى الرغم من المبادرات العديدة من جامعة الدول العربية والمجتمع الدولي لإنهاء العنف ومحاسبة النظام، فإن الإفلات من العقاب ما زال سيد الموقف، بل إن الانتهاكات قد تفاقمت مع الزمن، واستمر نظام الأسد في ارتكاب انتهاكات مروعة تشكل جرائم ضد الإنسانية ضد الشعب السوري.
يؤكّد أحدث تقرير صادر عن لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية أن النظام السوري ما يزال يمارس عمليات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والقتل بسبب التعذيب، كما تؤكّد قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن ما يقرب من 96 ألف مواطن سوري اختفوا قسرياً منذ آذار 2011، في حين قُتل ما لا يقل عن 201 ألف مدني، بينهم ما يقرب من 23 ألف طفل. كما ألقى النظام ما يقرب من 82 ألف برميل متفجر واستخدم أسلحة كيماوية في 217 هجوماً، إن انتهاكات النظام السوري هي السبب الأساسي في تشريد 14 مليون مواطن سوري ما بين نازح ولاجئ.
بالنظر إلى هذا العنف المستمر وتجاهل النظام السوري المستمر للقانون الدولي وحقوق الإنسان، فإنّ أي محاولات من قبل الدول لإعادة العلاقات مع النظام السوري ليست مهينة فحسب، بل ترقى أيضاً إلى دعم جرائمه ضد الإنسانية. إن استعادة العلاقات من هذا القبيل لن تؤدي إلا إلى إفلات النظام من العقاب وأنظمة استبدادية أخرى مماثلة، وإرسال رسالة خاطئة إلى المجتمع الدولي وتجاهل ملايين الضحايا الذين عانوا على يد النظام.
في ضوء هذه الفظائع المستمرة، من الضروري أن تطالب الدول الراغبة في إعادة العلاقات مع النظام السوري بإجراءات فورية، بما في ذلك إطلاق سراح السجناء السياسيين وحل المحاكم الاستثنائية ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات بحق الشعب السوري. يجب أن تعمل هذه الدول أيضاً من أجل حل سياسي في سوريا، يضمن عودة ملايين النازحين داخليًا واللاجئين.
كما كتب مارتن أرنولد ذات مرة، “صمتنا في وجه الاستبداد جريمة ضد الإنسانية”. يجب ألا نظل صامتين بينما يواصل النظام السوري ارتكاب الفظائع ضد شعبه. تقع على عاتق جميع الدول بما فيها الحكومات العربية مسؤولية احترام القانون الدولي وحقوق الإنسان ومحاسبة النظام السوري على جرائمه، وعلى شعوب تلك الدول أن تعي خطورة هذه الخطوة ومدى تأثيرها على مستقبلها ومستقبل المنطقة كلها.