يقول مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، في حديثه لموقع الحرة أن المحاسبة تنقسم إلى قسمين رئيسيين، محاسبة جنائية وأخرى غير جنائية.
ويشير عبد الغني إلى أن القسم الجنائي يركز على محاكمة المتورطين في الجرائم الإنسانية وجرائم الحرب، خصوصًا من الصفوف الأولى في النظام، باعتبارهم صناع القرار والمسؤولين المباشرين عن ارتكاب هذه الجرائم.
ويلفت إلى أن المحاسبة قد تشمل أيضًا شخصيات من الصفوف الثانية، لكنها تستهدف بالدرجة الأولى القيادات العليا.
أما بالنسبة للقسم الآخر غير الجنائي، يوضح عبد الغني أنه يحظى بنقاش واسع مؤخرًا، ويشمل آليات تتعلق بمساءلة من لم يتورطوا بشكل مباشر في الجرائم، ولكنهم دعموا النظام وساهموا في تغطية جرائمه، وأكد أن المطالبات بالعفو العام لهذه الفئة، دون قيامها بتقديم أي اعتذار خطي وعلني، هي إهانة لملايين الضحايا وعائلاتهم.
ويضيف عبد الغني في حديثه مع الحرة، “طلب العفو العام بهذا الشكل هو إهانة للأمهات اللواتي فقدن أبناءهن تحت القصف والبراميل المتفجرة، هذه الجرأة بطلب العفو العام، دون أي خطوات تمهيدية مثل الاعتراف والاعتذار، أمر غير مقبول”.
ويبين عبد الغني أن الخطوة الأولى لأي محاسبة غير جنائية يجب أن تبدأ باعتذار علني ومكتوب، يتسم بالتواضع والاحترام، ويشمل اعترافًا صريحًا بالجرائم المرتكبة ودون أي إنكار.
وأكد أنه على من يطالبون بالعفو أن يتحملوا مسؤولياتهم، من خلال تقديم تعويضات مالية مناسبة للضحايا من ثرواتهم الخاصة، والانخراط في أعمال مجتمعية لخدمة الضحايا.
كما دعاهم للمساهمة في كشف الحقيقة، خاصة إذا كانت لديهم معلومات عن المجرمين، مع التعهد بعدم تولي مناصب عليا مستقبلًا.
وشدد عبد الغني على أن ما ارتكبه هؤلاء الأشخاص كان فظيعًا، معتبرًا أن دعمهم للنظام وتوفيرهم غطاءً سياسيًا أو فنيًا أو إعلاميًا للإجرام، يستوجب تحملهم تبعات أفعالهم، مضيفا، “المحاسبة غير الجنائية بهذا الشكل هي أبسط حق ممكن أن يقدموه للضحايا، فما فعلوه كان فظيعًا، ويجب أن يدفعوا ثمنه”.
واختتم عبد الغني بالإشارة إلى أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان تحتفظ بأسماء المجرمين، وتعهدت بملاحقتهم قضائيًا، وأكد أن المحاسبة لن تسقط، وستظل مستمرة حتى ينال أهالي الضحايا حقهم الكامل.
وأصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، الثلاثاء، بيانا بعنوان “لا بديل عن محاسبة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب”، أكدت فيه على الانتهاكات الجسيمة التي طالت ملايين السوريين، والتي شارك في تنفيذها عشرات الآلاف من العاملين ضمن منظومته.
ووثَّقت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان هذه الانتهاكات بشكل يومي، وأرست قاعدة بيانات شاملة تضم ملايين الحوادث الموثَّقة على مدار 14 عام.
وأضاف البيان أنَّ الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان تمكنت من تحديد قائمة تضم أسماء نحو 16,200 شخص متورط في تلك الجرائم، بينهم أفراد من الجيش وأجهزة الأمن ومن القوات الرديفة التي تضم ميليشيات ومجموعات مساندة قاتلت إلى جانب القوات الرسمية.