وصف مدير “الشبكة السورية” لحقوق الإنسان فضل عبد الغني، منتدى أنطاليا الدبلوماسي بنسخته الرابعة الذي انطلقت أعماله، الجمعة، بأنه مساحة للحوار والنقاش خاصة أن الشأن السوري حاضر بقوة على الساحة الدولية.
جاء ذلك في حوار أجرته الأناضول مع عبد الغني، على هامش أعمال منتدى أنطاليا الدبلوماسي، بنسخته الرابعة تحت رعاية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، التي انطلقت في وقت سابق الجمعة.
وعن المنتدى قال عبد الغني: “هو من أهم المؤتمرات الدولية، وهذه أول مرة يحضر رئيس سوري (أحمد الشرع) بعد سقوط نظام الأسد، ويشعر السوريون أنهم ممثلون في هذا المنتدى، وأيضا بوجود وزير الخارجية (أسعد الشيباني)”.
وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، بسطت فصائل سورية سيطرتها على دمشق بعد مدن أخرى، منهية 61 عاما من حكم حزب البعث الدموي، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
وأعلنت الإدارة السورية الجديدة، في 29 يناير/ كانون الثاني 2025، تعيين الشرع رئيسا للبلاد خلال مرحلة انتقالية من المقرر أن تستمر خمس سنوات.
** تمثيل عالي المستوى
وأضاف عبد الغني: “هذا تمثيل عالي المستوى في أعمال المنتدى، ونحن كمؤسسة مجتمع مدني مؤسسة حقوقية، موجودون وهناك أيضا بعض المشاركات السورية، أعتقد أن هذا الأمر غاية في الأهمية”.
وفي هذا الصدد، لفت إلى أن منتدى أنطاليا يوفر “مساحة للحوار والنقاش، وخاصة أن الشأن السوري حاضر بقوة على الساحة الدولية”.
وأكد عبد الغني أن “تداعيات سقوط نظام الأسد ما زالت حاضرة في مفاصل عديدة”.
وأشار إلى أن “ما يحصل أيضا من عملية انتقال سياسي في سوريا واستقرار كل هذا يتم تداوله في هذا المؤتمر”.
وقال: “أعتقد أنه أمر غاية في الأهمية وبشكل خاص اللقاءات الجانبية التي تعقد على هامش الجلسات، أن تقدم الإدارة السورية الجديدة نفسها للحاضرين”.
وأضاف: “أعتقد أن هذا المنتدى منصة ممتازة للإدارة السورية الجديدة، وبشكل خاص بعد تشكيل الحكومة الجديدة حتى تطرح رؤيتها لسوريا تعددية وتشاركية وتتحدث عن مستقبل البلاد”.
وفي 29 مارس/ آذار الماضي، جرى في “قصر الشعب” الرئاسي بالعاصمة دمشق إعلان تشكيل الحكومة السورية، لتحل محل سابقتها المكلفة بتصريف الأعمال.
وتضم الحكومة الجديدة 23 وزيرا، بينهم سيدة واحدة، و5 وزراء من الحكومة الانتقالية التي شكلت في 10 ديسمبر/ كانون الأول 2024، لتسيير أمور البلاد عقب الإطاحة بنظام بشار الأسد.
ولفت عبد الغني إلى المنتدى يمثل فرصة للحديث عن “التحديات التي تواجه الحكومة، وفي مقدمتها موضوع العقوبات على سوريا”
ووفقا لمعلومات حصلت عليها الأناضول من وزارتي الخارجية والخزانة الأمريكيتين، فإن العقوبات على سوريا بدأت في ديسمبر 1979، عندما صُنفت سوريا “دولة داعمة للإرهاب”، وأصبحت العقوبات أكثر شمولا مع بداية الثورة السورية في 2011.
وتابع عبد الغني أن من ضمن العقبات التي تواجه الحكومة السورية الهجمات الإسرائيلية المتكررة، وموضوع المخاطر، وما يحصل في جنوب سوريا، وأيضا شمال شرق البلاد وما الى ذلك”.
ورغم أن الإدارة السورية الجديدة لم تهدد إسرائيل بأي شكل، تشن تل أبيب بوتيرة شبه يومية منذ أشهر غارات جوية على سوريا ما أدى لمقتل مدنيين، وتدمير مواقع عسكرية وآليات وذخائر للجيش السوري.
واعتبر عبد الغني أن “هذه كلها تحديات الحكومة السورية بحاجة إلى معونة المجتمع الدولي”، لافتا إلى أن منتدى أنطاليا يعد “منصة ضرورية جدا للحكومة السورية لتطرح كل هذه القضايا، وأيضا تطالب المجتمع الدولي والدول الإقليمية وفي مقدمتها تركيا لمساعدتها في التغلب على هذه التحديات”.
** الجنائية الدولية
وفيما يخص تداعيات سقوط نظام الأسد وملاحقة مجرمي الحرب قال عبد الغني “التقيت اليوم على هامش المنتدى بالمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، وتحدثنا في موضوع محاسبة كبار المجرمين وعن دور المحكمة الجنائية الدولية”.
وأضاف: “هناك أيضا دعوة للحكومة السورية أن تعطي المحكمة الجنائية اختصاصا لتعمل على ملاحقة كبار المجرمين وبشكل خاص الذين فروا خارج سوريا، وخاصة بشار الأسد وعلي مملوك وماهر الأسد، وهو اختصاص بشكل أساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وأعتقد أن هذا الأمر غاية في الأهمية ويجب أن يكون هناك تزامن بالعمل بين المحاكم الدولية والمحاكم السورية الخاصة”.
وشدد عبد الغني على أن “مسار العدالة هو مسار حيوي ويمس كل السوريين الذين هم بانتظاره لأنه إلى الآن لم يحصل ملاحقة ومحاكمة لكبار المجرمين، وما زال السوريون ينتظرون هذا”، لافتا إلى أنه “لن يحصل استقرار في المجتمع دون محاسبتهم”.
** المختفون قسرا
وفيما يخص ملف المختفين قسرا قال عبد الغني: “للأسف كارثة المختفين قسريا بعد سقوط النظام تفاقمت، وقد ثقنا آلافا من الحالات الجديدة التي لم نكن قد وثقناها سابقا وارتفعت حصيلتهم”.
وأضاف “في سوريا تقريبا نحو 20 ألف حالة لم نكن سجلناها سابقا، وأصبح الرقم الإجمالي قرابة 177 ألف مختف قسريا، وهذا رقم مرعب في الحقيقة، وبحاجة إلى جهود كبيرة جدا وتضافر من المجتمع الدولي وسنوات من العمل”.
** الهجمات الإسرائيلية
وعن الهجمات الإسرائيلية على الأراضي السورية قال عبد الغني “أعتقد أن غالبيتها عبارة عن رسائل سياسية، إسرائيل للأسف الشديد موقفها غاية في التطرف تجاه الحكومة السورية الجديدة، وما زالت تصفها بأبشع الأوصاف”.
وأردف: “فضلا عن احتلالها أراض واسعة في سوريا، وعمليات استيطان مستمرة، وتأسيس لقواعد بما في ذلك كنيس يهودي، هذه كلها مؤشرات على البقاء الدائم”.
وتابع عبد الغني أن منتدى أنطاليا “مساحة ممتازة لإدانة هجمات واعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على سيادة سوريا وتقويض الاستقرار، هذا يمنعها من بسط نفوذها على كل الأراضي السورية، وأعتقد أنه من مصلحة إسرائيل عدم استقرار سوريا”.
وبشأن الاتفاق بين الرئيس الشرع وفرهاد عبدي شاهين، قائد ما تسمى قوات “قسد” (واجهة تنظيم واي بي جي الإرهابي)، في 10 مارس الماضي، قال عبد الغني: إنها خطوة جيدة وبحاجة إلى أن تكون أسرع من ذلك بكثير حتى تقطع الطريق أمام التدخلات الخارجية، واستعادة السيطرة على مناطق شمال شرق سوريا”.
وختم بالقول، إن “استعادة دير الزور والحسكة والرقة أمر غاية في الأهمية للسوريين، وحتى يعود أبناء هذه المناطق إلى أراضيهم، وبالتالي تتعزز وحدة الأراضي السورية، هذا سيساهم بشكل كبير جدا في استقرار سوريا، وهو أمر حيوي للمرحلة القادمة”.