قال فضل عبد الغني، مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، لموقع تلفزيون سوريا، الأحد، إن تشكيل هيئات العدالة الانتقالية في سوريا بمرسوم رئاسي بدلًا من قانون صادر عن المجلس التشريعي، لا يرسخ شرعية هذه الهيئات ويضعف استقلاليتها.
وأوضح أن صدورها عن المجلس التشريعي يعالج ما يسمى “معضلة التفويض”، ويمنحها إطارًا قانونيًا يعزز تمثيل الضحايا ويضمن استقلالها عن السلطة التنفيذية.
وأضاف عبد الغني أن المرسوم الرئاسي الذي أنشأ الهيئتين منح السلطة التنفيذية سلطة تعيين رؤساء اللجان من دون تحديد معايير واضحة لاختيارهم، كما لم ينص على إشراك منظمات المجتمع المدني أو روابط الضحايا، ما يعني غياب آلية للترشيح أو التشاور ويُبعد الهيئة عن الاستقلالية المطلوبة.
وحول هيئة المفقودين، أشار عبد الغني إلى أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان لا تؤيد إنشاء الهيئة بشكل مستقل، مؤكدًا أن لجنة المفقودين يجب أن تكون ضمن لجنة الحقيقة وتعمل بالتنسيق مع لجان العدالة الانتقالية الأخرى، مثل لجان المحاسبة والتعويضات وإصلاح المؤسسات وتخليد الذكرى، معتبرًا أن الفصل بين هذه الهيئات يعقّد عملها ويكرّس البيروقراطية.
رؤية لتحقيق العدالة الانتقالية في سوريا
وأوضح أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان أصدرت، في 6 آذار، رؤية لتحقيق التعددية السياسية وتشكيل هيئة للعدالة الانتقالية، ثم في 17 نيسان، نشرت تصورًا كاملًا لمسار العدالة الانتقالية في سوريا، وتبع ذلك، في 13 أيار، تقرير خاص حول آليات التشكيل الأمثل لهذه الهيئات.
وأكد التقرير أن تشكيل هيئة العدالة الانتقالية يجب أن يتم بقانون صادر عن مجلس تشريعي منتخب، لضمان شرعية تمثيلية ومشاركة أوسع للضحايا والمجتمع المدني، إضافة إلى ضمان استقلاليتها ومصداقيتها. وقارنت الشبكة بين التجارب التي اعتمدت المسار التشريعي (جنوب أفريقيا، الأرجنتين، تونس) وتلك التي لجأت إلى المراسيم التنفيذية (أوغندا، بيرو، المغرب)، مشددة على أفضلية الخيار الأول.
كما شدد التقرير على ضرورة الاستقلال القضائي والمالي والإداري للهيئة، بما في ذلك تخصيص ميزانية مستقلة، وتمكين الهيئة من تعيين موظفيها وقيادتها، ومنحها صلاحيات واسعة تشمل التحقيق وجمع الأدلة وطلب الأوامر القضائية، مع توفير ضمانات ضد التدخل السياسي.
وأكدت الشبكة على أهمية أن تعكس الهيئة التعددية السورية، من حيث التنوع العرقي والديني والسياسي، لتعزيز الشرعية وبناء الثقة المجتمعية. ودعت إلى تشكيل لجنة ترشيح مستقلة تضم ممثلين عن القضاء والمجتمع المدني والضحايا لاختيار الأعضاء.
وختم التقرير بالتأكيد على أهمية التشاور مع أصحاب المصلحة، وعلى رأسهم المجتمع المدني، والضحايا، والمجتمعات المحلية، والنساء والشباب، والجهات السياسية، والداعمين الدوليين، لضمان ملكية مجتمعية للمسار الانتقالي، وبلورة أطر مؤسسية متينة للعدالة في سوريا.