في تعليقه على الحكم قال مدير «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» فضل عبد الغني لـ «القدس العربي»: إن هذا «القرار يمثل محطة تاريخية في سياق العدالة المتعلقة بسوريا، بالنظر إلى طبيعة الجرائم التي ارتكبها المتهم من قتل وتعذيب لمعتقلين داخل المستشفيين العسكريين 601 في دمشق و608 في حمص».
وأوضح أن «أهمية الحكم لا تنبع فقط من فظاعة الأفعال المرتكبة، بل من كون الجاني طبيبا مهنيا استغل معرفته الطبية لتنفيذ جرائم ذات طابع عسكري، وهو ما يعزز القاعدة القانونية التي تقول إن جميع المهن، بما فيها الطب، يجب أن تلتزم بشكل صارم بحظر التعذيب وعدم التورط في أي انتهاكات».
وأشار إلى أن الحكم يؤكد مجددا على الدور المحوري لمنظمات المجتمع المدني، وللناجين من التعذيب والشهود، في مسار العدالة الانتقالية والمساءلة، ويثبت أن العمل المدني المنظم قادر على تحريك ملفات ثقيلة وتحقيق نتائج ملموسة على المستوى الدولي.
وأضاف المتحدث الحقوقي أن الخطوة التالية يجب أن تتمثل في تأسيس قضاء مستقل داخل سوريا، قادر على تولي هذه المحاكمات في المستقبل، بما في ذلك إنشاء محكمة وطنية خاصة تُعنى بملفات جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وتعديل قانون العقوبات السوري ليشمل هذه الجرائم وفقا للمعايير الدولية.
وأكد على ضرورة مصادقة الحكومة السورية على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، من أجل تمكين الجهات القانونية من الاستفادة من آليات المحكمة في المستقبل، مشددا على أهمية إشراك مؤسسات المجتمع المدني والضحايا في جميع مسارات العدالة، والاستفادة من الخبرات المتراكمة التي ظهرت خلال هذه المحاكمة، لا سيما ما يتعلق بتوثيق الجرائم وجمع الأدلة، التي ينبغي أن تصبح جزءا من أرشيف وطني يستخدم لكشف انتهاكات النظام السوري وتفكيك روايته.
وأكد أن هذا الحكم أهم وأبرز حكم قضائي ألماني يتعلق بجرائم النظام السوري، يليه الحكم الصادر بحق أنور رسلان في كوبلنز عام 2022، مشيرا إلى أن من المهم جمع وتوثيق كل تفاصيل هذه المحاكمة، لأنها ستكون مرجعية أساسية لأي محكمة سورية مستقلة في المستقبل، خصوصا وأن المتهم لم يكن مجرد تابع للنظام، بل كان طبيبا اختار عن وعي ممارسة التعذيب والقتل تحت غطاء المهنة.