أكد فضل عبد الغني، مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، على الأهمية البالغة للتقارير الصادرة عن المنظمات الدولية مثل منظمة العفو الدولية و”هيومن رايتس ووتش”، واصفاً إياها بمؤسسات “مشهود لها بالكفاءة والمهنية”. جاء ذلك تعليقاً على تقرير منظمة العفو الدولية الذي دعا الحكومة السورية إلى التحقيق في اختفاء نساء وفتيات في الساحل السوري، وكشف مصيرهن المجهول منذ عدة أشهر.
وأشار عبد الغني في تصريح لموقع تلفزيون سوريا إلى أن هذه المنظمات تتبع “بروتوكولات تدقيق وتوثيق تُعد من الأفضل عالمياً”، وهي “أهم مؤسستين حقوقيتين دوليتين”. وأكد أن معاييرها “أعلى” من تلك المعتمدة في وكالات الأنباء أو التحقيقات الاستقصائية الإعلامية لأن “هذا مجال اختصاصها”. كما شدد على أن هذه المنظمات “بعيدة جداً عن التسييس” من حيث تشكيلها ومعاييرها وبروتوكولاتها، وهي مشهود لها “بالنزاهة والشفافية” و”تنتقد جميع المنتهكين حول العالم”، بما في ذلك الدول المانحة لها.
وقد وثقت منظمة العفو الدولية، وفقاً لبيانها، “حالات اختطاف واختفاء قسري” طالت نساء وفتيات من الطائفة العلوية في عدد من المحافظات السورية، من بينها طرطوس واللاذقية وحمص وحماة، وذلك منذ شهر شباط الماضي. وأشارت المنظمة إلى غياب المعلومات الكافية عن مصير عدد من المفقودات، وعدم وجود مؤشرات على إحراز تقدم ملموس في التحقيقات الرسمية.
وفي هذا السياق، دعا عبد الغني السلطات السورية إلى “أخذ التقارير الصادرة عن هذه المنظمات بعين الاعتبار” لأنها “أُعدّت بطريقة مهنية وبمعايير عالية”. وانتقد عبد الغني ضمنياً لجنة التحقيق الوطنية المعنية بالساحل، التي “ذكرت أنها لم توثق حالات”، معتبراً أن ذلك يُعد “قصوراً” أو ناجماً عن “تحديات معينة أو ما شابه”، مشيراً إلى أن “إمكانات لجنة التحقيق في الساحل محدودة جداً”. وأضاف: “الآن تأتي منظمة دولية وتقول إنها وثّقت، ينبغي على الحكومة السورية أن تأخذ هذا الأمر على محمل الجد”.
وطالب عبد الغني الحكومة السورية بـ”التواصل مع منظمة العفو الدولية”، و“الاطلاع على الحالات”، و“طلب نسخ منها”، و“متابعتها”. كما دعا إلى “تخصيص جهة محددة”، كوزارة الشؤون الاجتماعية، “لكي تبني على هذه التحقيقات وتستفيد منها في ملاحقة أولئك المنتهكين”.
وأوضح مدير الشبكة أن المؤسسات الحقوقية مثل الشبكة السورية لحقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش “تُسهّل عمل الادعاء العام”، فهي “تقوم بالتحقيق وتزوّده بالحالات: تفضل، هذه هي، اعتمد عليها، لاحق المتورطين، وحقق معهم”. وشدد على أنه “إذا لم تأخذ الحكومة بهذه التقارير بعين الاعتبار، فحينها تصبح المسؤولية عليها”.
وكشف عبد الغني أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان كانت ترغب في إجراء تحقيقات حول عمليات الخطف، وتلقت إشارات وتواصلت مع بعض الأشخاص، لكنها “لم تتمكن من ذلك بسبب محدودية التمويل والتحديات اللوجستية الأساسية” التي واجهتها هذا العام، مما أثّر على عدد الباحثين وعملهم في مختلف المناطق السورية. وأشار إلى أنه “إذا قامت مؤسسة دولية بالتحقيق في موضوع ما، فلا حاجة لتكرار الجهد، لأن معاييرها تكون أحياناً مماثلة، بل أعلى من معاييرنا”.
واختتم عبد الغني حديثه بالتأكيد على أن تقرير منظمة العفو الدولية “سدّ ثغرة قائمة”، وعلى السلطات السورية أن “تبني عليه” وتتواصل مع المنظمة وتستفيد من نتائج التحقيقات “وتلاحق المسؤولين عن هذه الأفعال وتحاسبهم”، وتُعلن ذلك للرأي العام والضحايا. وأكد أنه “يجب كذلك توجيه رسالة شكر إلى منظمة العفو الدولية على مساعدتها في هذه المهمة، فهذه هي طريقة عمل الدول الديمقراطية والدول التي تحترم حقوق الإنسان”.