مدير «الشبكة السورية لحقوق الإنسان»، فضل عبد الغني، قال في حديث لـ«القدس العربي»، إن التقرير الأممي كان متوقعا، مشيرا إلى أنه جاء مطولا ومفصلا، وبدأ بتناول الإطار الأوسع للأحداث، حتى أنه عاد بالتحليل إلى فترة حكم عائلة الأسد، موضحا أن غالبية عناصر الجيش والأمن حينها كانوا من الطائفة العلوية، وقد ارتكبوا انتهاكات ممنهجة بحق الغالبية السنية.
وأضاف أن التقرير قدم توصيفا واضحا للأحداث منذ سقوط نظام الأسد، موثقا حوادث اعتبرها في كثير من الأحيان ردود فعل على ضعف الإطار العدلي الجديد وعدم وضوحه، الأمر الذي دفع بعض الأفراد إلى محاولة تطبيق القانون بأنفسهم.
وأوضح أن التقرير لم يقتصر على أحداث الساحل، بل تناول أيضا وقائع سبقت تلك الأحداث، لافتا إلى أنه تطرق إلى نقاط إيجابية تتعلق بموقف الحكومة السورية الحالية، التي سمحت للجنة التحقيق بالدخول إلى المنطقة والتنقل بحرية، ما أتاح لها التواصل المباشر مع الضحايا، وسهّل مهمتها، في مقابل النظام السوري السابق الذي كان يمنع دخول اللجنة إلى البلاد ويعرقل عملها باستمرار.
كما أشار إلى أن الحكومة دعمت تمديد ولاية اللجنة الدولية، وهو ما مثّل تحولا مهما في التعاون مع آليات التحقيق الأممية.
انتهاكات فلول النظام
وبيّن أن التقرير وثق انتهاكات ارتكبتها فلول النظام السوري السابق، واصفا هؤلاء بأنهم ينتمون إلى «الحكومة السورية السابقة»، حيث تورطوا في عمليات قتل لعناصر من قوات الأمن، وتشويه للجثث، وهي جرائم لم يُسلط عليها الضوء سابقا بالشكل الكافي. وأكد أن التقرير، بعد ذلك، ركز على ما جرى في الساحل من انتهاكات استهدفت بشكل رئيسي أبناء الطائفة العلوية.
وأشار إلى أن التقرير جاء متوازنًا، وخلص إلى نتائج متطابقة تقريبا مع ما وثقته الشبكة السورية لحقوق الإنسان، سواء في إحصاء الضحايا أو توثيق الانتهاكات، حيث أورد أن عدد قتلى قوات الأمن بلغ 231 عنصرا. كما تناول التقرير الانتهاكات التي ارتكبت في الساحل.
وأضاف أن التقرير أكد عدم وجود قرار مركزي من الحكومة السورية لارتكاب هذه الانتهاكات، معتبرا أن هذه النقطة جدلية، إلا أنه شدد على أن الحكومة تتحمل المسؤولية السياسية والقانونية عن أفعال الأفراد المنضوين ضمن صفوفها، فضلا عن مشاركة جزء من قواتها في تلك الانتهاكات.
كما أشار إلى جانب إيجابي آخر في التقرير، يتمثل في أن قوات الأمن تدخلت أحيانا لمساعدة الأهالي وحمايتهم من تجاوزات المجموعات غير المنضبطة. لكنه في الوقت ذاته، أوضح أن التقرير وثق انتهاكات واسعة النطاق ضد العلويين، شملت عمليات قتل جماعي للمدنيين على أسطح المنازل بعد إجبارهم على الصعود إليها، وهي أفعال وصفتها اللجنة بأنها قد ترقى إلى جرائم حرب. ودعا عبد الغني الحكومة السورية إلى البناء على هذا التحقيق وعدم الاكتفاء بما أنجزته لجنة التحقيق الوطنية، بل العمل على دمج نتائج التقريرين مع تقارير جهات موثوقة أخرى، من أجل إجراء محاسبة شاملة، وتعويض الضحايا، والاعتراف رسميًا بالمقابر الجماعية، ونشر تقرير وطني شامل يتضمن خطة واضحة لمعالجة آثار الأحداث.
كما شدد على أهمية إعادة الثقة بين الدولة والأهالي، وهي مهمة تقع ضمن صلاحيات لجان السلم الأهلي، مشيرًا إلى ضرورة إشراك المجتمع العلوي في جهود ترميم الهوة ومنع أي تحريض طائفي أو خطاب كراهية من أي طرف بحق الآخر، على أن يجري ذلك تحت إشراف قيادات مجتمعية ودينية لضمان الشرعية والمصداقية.