قال فضل عبد الغني، مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن «القيمة الحقيقية تكمن في قراءة التقرير ذاته، لا في خلاصاته الإعلامية».
وأشار في اتصال مع «القدس العربي» إلى أن التقرير الأممي يعيد توصيف الأحداث إلى جذور تركيبة السلطة في عهد عائلة الأسد، مذكرا أن «الغالبية الساحقة من عناصر الجيش والأمن الذين ارتكبوا الانتهاكات خلال العقود الماضية كانوا من الطائفة العلوية، في حين كان الضحايا، وفق التقرير، في معظمهم من السنة».
واعتبر التقرير أن الانتقام، بعد سقوط النظام، جاء نتيجة فشل الإطار العدلي الجديد، وغياب العدالة الانتقالية، ما دفع بعض الأفراد إلى محاولة تطبيق القانون بأيديهم.
أبرز ما يميّز التقرير الأخير، وفق عبد الغني، هو إشارته الإيجابية النادرة تجاه الحكومة السورية الحالية، التي سمحت بدخول اللجنة الدولية، وسهلت مهمتها، بل ودعمت تمديد ولايتها، في تناقض واضح مع تعامل النظام السابق، الذي كان يمنعها من دخول البلاد، ويهاجم عملها باستمرار.
والجدير بالذكر، أن التقرير وثّق بدقة الانتهاكات المرتكبة بحق المدنيين العلويين، من بينها الإعدامات الجماعية، رمي الضحايا من الأسطح، حرق وتشويه الجثث، واستخدام خطابات طائفية عبر قنوات مثل «تلغرام»، إضافة إلى عمليات نهب وسرقة قامت بها جماعات منضوية ضمن قوات الأمن.
ومع ذلك، شدد عبد الغني على أن حصيلة الضحايا الحقيقية بلغت نحو 1400 شخص، وهو رقم مرعب، لكنه أقل بكثير من الأرقام المبالغ فيها التي تداولتها بعض الجهات الإعلامية (2500–7000)، والتي وصفها بـ«الشلف غير الموثق».
في نقطة حساسة أخرى، أوضح عبد الغني أن التقرير «لم يعثر على دليل يثبت وجود قرار مركزي من الحكومة السورية بتنفيذ تلك الانتهاكات، لكن ذلك لا يُعفيها من المسؤولية، لأن الأفراد الذين ارتكبوها كانوا ضمن تشكيلاتها الأمنية». ولفت إلى أن بعض عناصر الأمن «حاولوا حماية المدنيين»، ما اعتبره التقرير «نقطة لصالح الدولة».
كما ربط بين نتائج التقرير الأممي وما وثقته الشبكة السورية لحقوق الإنسان، مؤكدًا أن الأرقام الواردة حول الضحايا وانتهاكات النظام السابق «تتقاطع بشكل كبير مع توثيق الشبكة، ما يعزز من مصداقية الطرفين ويوحّد الرواية الحقوقية المستقلة».