قال رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، إن الشبكة وثقت منذ انطلاق الثورة السورية آلاف الانتهاكات، من القتل خارج القانون والاختفاء القسري والتعذيب، وصولاً إلى العنف الجنسي والتشريد القسري واستخدام الأسلحة الكيميائية، مؤكداً أن حجم التوثيق الذي أُنجز يشكل قاعدة بيانات وطنية صلبة رغم التحديات الأمنية الهائلة.
وأوضح عبد الغني، خلال مقابلة في برنامج “إلى أين” عبر “هاشتاغ”، أن الشبكة تمكنت بعد سقوط نظام الأسد من توثيق نحو 20 ألف حالة اختفاء قسري جديدة، أي ما يعادل 20% مما لم يكن موثقاً سابقاً، مشدداً على أن فريق الشبكة غطى 80% من الحالات رغم خوف الأهالي وصعوبة الوصول إلى المعلومات.
وفي ملف الأسلحة الكيميائية، أكد عبد الغني أن الشبكة وثقت 217 هجوماً شنها النظام السوري، معتبراً أن هذه الاعتداءات كانت واسعة وعلنية بحيث لم يكن ممكناً إخفاؤها، فيما يجري العمل حالياً على استكمال التفاصيل عبر تعزيز التعاون بين المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية لضمان الحق في الوصول إلى المعلومات.
أما في ما يتعلق بسجون النظام السابق، فقد أوضح أن “الأسطرة” التي أحاطت بسجن صيدنايا حجبت حقيقة أن الأفرع الأمنية، وخصوصاً فرع 215 في كفرسوسة، كانت الماكينات الأساسية للتعذيب والقتل، مشيراً إلى أن الشبكة وثقت عبر آلاف الشهادات 72 أسلوب تعذيب بحلول عام 2019، بعد أن كانت قد سجلت 43 أسلوباً في تقريرها الأول عام 2014.
وأكد عبد الغني أن الشبكة لا تزال توثق انتهاكات تقع في المرحلة الراهنة، بما في ذلك بعض حالات التعذيب، لكنها “محدودة جداً مقارنة بما ارتكبه النظام السابق”. واعتبر أن المشكلة الأبرز تكمن في الفصائل غير المنضبطة التي ترتكب تجاوزات، مؤكداً أن الحكومة تبقى مسؤولة قانونياً عن جميع الانتهاكات في مناطق سيطرتها.
وعن العدالة الانتقالية، رأى عبد الغني أن المصطلح يُستخدم شعبوياً في سوريا من قبل أشخاص يفتقرون للمعرفة الحقيقية بأدبياته، مشدداً على أن هذه العدالة عملية معقدة وتحتاج إلى وقت ومسار مؤسساتي واضح.
كما دعا إلى تشكيل لجان تحقيق مستقلة وشفافة تضم ممثلين عن المجتمع المدني وتتمتع بالحياد، منتقداً اقتصار بعض اللجان السابقة على التعيينات المركزية. وأكد أن تقارير الشبكة أصبحت مرجعاً أساسياً للأمم المتحدة وهيئات دولية عديدة، بما في ذلك لجان التحقيق الدولية والمحاكم الأوروبية.
وختم عبد الغني حديثه بالتأكيد على أن عودة اللاجئين تبقى رهناً ببدء عملية إعادة الإعمار ورفع العقوبات وتحسين البنية التحتية والخدمات، معتبراً أن الأمن في سوريا “بات أفضل مما كان عليه”، لكنه شدد على أن الدمار الهائل ما يزال العائق الأكبر أمام عودة الملايين.