قال فضل عبد الغني، مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، إن مسيرة أسماء الأسد منذ وصولها إلى منصب “السيدة الأولى” مثلت نموذجاً واضحاً في صناعة صورة زائفة وإقامة منظومة اقتصادية قائمة على النهب والابتزاز، ما جعلها تتحول إلى أحد أبرز أوجه الفساد في سوريا.
صناعة الوهم الإعلامي
أوضح عبد الغني في مقال نشره موقع العربي الجديد بعنوان “عندما تراكمت ثروة أسماء الأسد بالفساد واستغلال النفوذ”، أن أسماء الأسد حاولت منذ البداية تقديم نفسها كوجه إصلاحي وإنساني، فاستعانت بشركات علاقات عامة مثل “Bell Pottinger” البريطانية، وحظيت بتغطية من مجلة “فوغ” وصفتها بـ”وردة الصحراء”، لكن مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، تلاشت هذه الصورة بعدما اختارت الوقوف إلى جانب زوجها الإرهابي الفار بشار الأسد، رافضة عروضاً بخروج آمن إلى بريطانيا.
الأمانة السورية.. غطاء للنهب
كشف التقرير أن مؤسسة “الأمانة السورية للتنمية” تحولت من صندوق صغير باسم “فردوس” عام 2001 إلى منصة ضخمة للهيمنة الاقتصادية بغطاء إنساني. ومن خلالها، راكمت أسماء الأسد ثروات طائلة عبر الاحتكارات، التبرعات القسرية، والاستيلاء على المساعدات الدولية.
عقود وأرباح باسم الإغاثة
أشار عبد الغني إلى أن شركات تابعة للأمانة مثل “دياري” نالت عقوداً بتمويل أممي، بينها عقد لإعادة تأهيل مراكز إيواء بقيمة 400 ألف دولار، ذهبت أرباحه مباشرة إلى خزائن أسماء. كما تحولت برامج القروض الصغيرة إلى أداة ربحية بفوائد مرتفعة، حيث فرضت فوائد 5% على قروض إعادة البناء في حلب القديمة.
ابتزاز رجال الأعمال
استعرض التقرير كيف جرى ابتزاز رجال الأعمال عبر جهاز الأمن الوطني، حيث فُرضت عليهم “تبرعات” سنوية تراوحت بين 200 ألف ومليون دولار مقابل استمرار أنشطتهم. وبهذا جرى تشكيل شبكة تعمل بمنطق المافيا، ربطت الاقتصاد السوري مباشرة بالقصر.
استغلال الكوارث لمصالح شخصية
أكد التقرير أن الكوارث تحولت إلى فرص للثراء، كما حدث بعد زلزال فبراير 2023 حين جرى تحويل المساعدات الدولية لمصلحة النظام. وفي حرائق الساحل، جُمعت ثلاثة ملايين دولار لكن التعويضات للمزارعين كانت هزيلة، مثل 24 ألف ليرة للبقرة و600 ليرة للكيلوغرام من الزيتون. حتى مساعدات ضحايا قصف الأكاديمية العسكرية في حمص لم تصل إليهم.
المساعدات رهينة الولاء
لفت عبد الغني إلى أن توزيع المساعدات ارتبط بالولاء السياسي، فالمناطق المؤيدة حصلت على الدعم، فيما حُرمت المعارضة وعائلات المعتقلين والمطلوبين. وحتى الموالون أنفسهم لم ينالوا المساعدات إلا عبر وساطات شخصية، بينما نال العسكريون وأسرهم الحصة الكبرى.
ثروة هائلة وملاذ روسي
بحلول ديسمبر 2024، قدرت ثروة عائلة الأسد بـ120 مليار دولار بينها 200 طن من الذهب وعقارات فاخرة، ونُقلت مئات الملايين إلى روسيا، كما اعتمدت أسماء على شركات وهمية لحماية الأموال، ونجحت بالبقاء خارج العقوبات الأميركية حتى 2020. وعند وصولها موسكو، ظهرت أدلة تكشف حياة بذخ تناقض صورتها عن البساطة.
احتكار العمل المدني
أوضح التقرير أن الأمانة سيطرت على المبادرات المدنية منذ 2007، وبحلول 2010 كانت تحتكر 80% من التمويل الدولي. كما فرضت شراكة إلزامية مع الهلال الأحمر لتوزيع المساعدات الأممية، ما سمح للنظام بالحصول على نحو ربع مليار دولار بين 2011 و2023.
خلص عبد الغني إلى أن أسماء الأسد جسدت أحد أبرز نماذج الفساد الإنساني المعاصر، إذ جمعت الثروة عبر نهب المساعدات وابتزاز المجتمع والقطاع الخاص، بينما غرق الشعب السوري في الفقر والجوع. ومع فرارها إلى روسيا، تبقى مسألة المحاسبة مفتوحة في ظل قصور الآليات الدولية عن مواجهة الأنظمة الكليبتوقراطية.
