أعرب خبراء من الأمم المتحدة في بيان اليوم الخميس، عن قلقهم إزاء الهجمات المسلحة التي استهدفت دروزاً في محافظة السويداء جنوب سورية في يوليو/تموز الماضي
وتعليقاً على ما ورد في البيان، قال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني، إنه يسلط الضوء على ما جرى في السويداء من انتهاكات لحقوق الإنسان، موضحاً أنه بيان صادر عن خبراء وليس تقريراً. وقال في حديثه لـ”العربي الجديد”: “في الحقيقة، أرى أن البيان وقف على مسافة واحدة، وكان متوازناً، وتحدث بطريقة قريبة جداً مما وثقناه نحن في الشبكة السورية لحقوق الإنسان، من دون تضخيم أو مبالغات”.
وكما هو الحال دائماً في النزاع السوري، هناك تضخيم لأعداد الضحايا من كل طرف، وفق عبد الغني، وهذا يزيد من بشاعة ما ارتكبه الطرف الآخر، مردفاً: “هذا ما شهدناه أيضاً في السويداء، حيث كان هناك استقطاب حاد جداً، البيان أشار إلى ثلاثة أطراف رئيسية ارتكبت انتهاكات: قوات الهجري (مجلس السويداء العسكري) وهي خارج إطار الدولة، والعشائر والبدو أيضاً خارج الدولة، إضافة إلى قوات الأمن والجيش، وهذه الأطراف الثلاثة جميعها ارتكبت انتهاكات”.
وتحدث البيان عن الانتهاكات التي وقعت بحق الدروز والمجتمعات الدرزية من قبل البدو ومن قبل قوات الأمن، كما تحدث عن الانتهاكات التي ارتكبتها فصائل الهجري بحق البدو من عمليات وانتهاكات واسعة. وأوضح عبد الغني أن النقطة الأساسية أن “البيان أشار إلى حصيلة ضحايا تقدر بنحو ألف شخص بين مدنيين ومسلحين، وهي الحصيلة نفسها التي وثقتها نحن في الشبكة السورية لحقوق الإنسان”. وأضاف: “في المقابل، نرى دائماً عمليات تضليل وتضخيم للأرقام من جهات غير متخصصة وغير معتمدة، معروفة باستخدام الخداع، ولا تملك أي خبرة في عمليات التوثيق الحقوقي، هذه الجهات تستند إلى أرقام من مخيلتها، وهي أرقام لا يعتد بها ولا تأخذها المؤسسات الحقوقية أو الأممية بأي وزن، باستثناء بعض المقابلات الإعلامية التي تستشهد بها بشكل غير منهجي”.
وأردف عبد الغني: “البيانات الأممية والتحقيقات الحقوقية عادة ما تعتمد على منهجيات واضحة، وفي هذا السياق، أشار البيان إلى حصيلة تقارب الألف شخص، وهو رقم ضخم، وهذه الحصيلة تشمل مدنيين ومسلحين من مختلف الأطراف: من الدروز الذين قتلهم البدو وقوات الأمن، ومن البدو الذين قتلهم مجلس السويداء العسكري بقيادة الهجري، ومن عناصر الأمن الذين قتلهم المجلس نفسه، أي إنها حصيلة تشمل جميع الأطراف، مدنيين وعسكريين، وهي نقطة مهمة جداً، لأننا في المقابل نرى مبالغة كبيرة وغير دقيقة في الأرقام التي تُتداول”.
وتحدث البيان عن الانتهاكات المتعلقة بالنزوح الكبير الذي شهدته السويداء، حيث لم يعد هناك بدو تقريباً، إذ نزحوا جميعاً، كما نزح العديد من الدروز من بلداتهم وقراهم التي تم إحراقها، كما أشار عبد الغني، فقد أحرقت قوات البدو وعناصر الأمن والجيش منازل وقرى كاملة، وتشرد على إثرها دروز داخل السويداء نفسها، مضيفاً: “وقد يتبادر إلى الذهن أن المشردين هم فقط من البدو، وهذا غير صحيح، إذ إن البيان أشار بوضوح إلى أن التشريد شمل أيضاً الدروز”.
ونبّه عبد الغني إلى تناول البيان “مسألة خطيرة، وهي وصم الدروز جميعاً بأنهم موالون للانفصال أو لإسرائيل، وهو تعميم باطل وغير صحيح، وأنا أتفق تماماً مع ما ذكره البيان في هذا الجانب”، وتابع: “من وجهة نظري، فإن ما تضمنه البيان يستدعي معالجة وطنية عاجلة تضمن محاسبة جميع مرتكبي الانتهاكات، من مختلف الأطراف، بما يحمي المجتمع ويوقف دوامة الانتهاكات”. وشدد عبد الغني على أن ما صدر عن الخبراء بيان وليس تقريراً مفصلاً، مشدداً على أنه “صادر عن خبراء مستقلين يقومون بدور شبيه بالمقررين الخاصين المعنيين بالانتهاكات الكبرى، أما لجنة التحقيق الدولية الخاصة بسورية فهي التي تحقق في أحداث السويداء وستصدر تقريراً متوازناً وموضوعياً كعادتها”.