مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني أشار خلال حديث لـ”ألترا سوريا” إلى أن مسار العدالة الانتقالية معقد وصعب وقد تم قطع خطوات عديدة فيه، لكن لا تزال تعوزه خطوات كثيرة، أهمها بناء مؤسسات قضائية وامتلاك عدد كاف من القضاة ذوي الخبرات الكبيرة، ووجود محاكم مؤهلة، وكل هذه البنية التحتية لمسار العدالة الانتقالية يحتاج بناؤها إلى وقت كبير جدًا.
ويضيف بأن المسار لا ينحصر بهيئة العدالة الانتقالية بل هو أوسع من مجرد حصره ضمن مؤسسة واحدة، علمًا ان الهيئة نفسها تحتاج إلى وقت للتشكل ولكتابة نظامها الداخلي، لكن رغم ذلك لا بد من اتخاذ خطوات سريعة بالموازاة مع بناء أدوات ومؤسسات العدالة الانتقالية مثل ملاحقة المجرمين وإصلاح المؤسسات وغيرها.
ويلاحظ عبد الغني أن هناك تحديات عديدة تواجه هذا الملف، أبرزها التحدي الاقتصادي حيث تتطلب عملية البناء والمأسسة لهذا القطاع إلى تمويل ورواتب وميزانية عالية.
هل تم تمييع الملف؟
وفي تعليقه على الانتقادات التي تتحدث عن تمييع العدالة الانتقالية، يؤكد المعتصم الكيلاني أنها “انتقادات في محلها تمامًا”، معتبرًا أن ما يحدث هو تمييع منظم عبر: تحويل العدالة إلى لجنة، وتحويل المساءلة إلى وعود، وتحويل حقوق الضحايا إلى شعارات.
ويؤكد أن انعكاسات ذلك خطيرة كونها تعني تكريس الإفلات من العقاب، وتؤدي إلى فقدان الثقة بين المجتمع والدولة، منا تفتح الباب أمام عدالة انتقامية مستقبلًا، فضلًا عن كونها تهدد أي مصالحة وطنية حقيقية، فالتمييع لا يقتل العدالة فقط، بل يؤسس لصراعات قادمة.
أما فضل عبد الغني فيلفت إلى أن الموضوع لا يتعلق بالرغبة في التمييع بقدر ما هو بحاجة إلى خبرات متراكمة وكبيرة تصمم رؤية للعدالة الانتقالية خاصة مع وقوع أخطاء منذ بداية تفعيل المسار تحتاج إلى تصحيح، مضيفًا أن الهيئات المتعلقة بالعدالة الانتقالية تشكلت بسرعة كبيرة ما أدى إلى حالة الفوضى الحالية.
يؤكد عبد الغني أن التأسيس الصحيح لهذه الهيئات يفترض أن يكون عبر البرلمان الجديد، وهي مسألة بحاجة إلى تصحيح. ويشير أيضًا إلى أن المسار ليس خاصًا بالدولة فقط، بل يجب أن تكون منظمات المجتمع المدني فاعلة فيه، وبشكل مستقل عن مؤسسات الدولة، تلافيًا لأي موقف تسييسي محتمل.
ويلفت إلى دور المجتمع في هذا المسار، عبر رفع قضايا وتوثيق المجرمين حتى مع وجود قسم كبير من أفراد المجتمع السوري كضحايا، فهذا يجعلهم أكثر تحمسًا للمساهمة في العدالة الانتقالية عبر التوثيق والإدلاء بالشهادات أمام المحاكم والهيئات، ما يجعل مسؤولية الدفع بهذا المسار مسؤولية جماعية وإن كانت تتم تحت إشراف الدولة.






