“يرى فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أن أصعب مرحلة وأكثر الأمور حساسية حتى من الحصول على بيانات الوفاة واستخراجها من سوريا، هو التواصل مع أهالي الضحايا وإبلاغهم، فالموضوع معقد جداً وليس بسيطاً كما يظن بعضهم، والتعاطي مع مسألة حساسة كهذه يتطلب معرفة وخبرة.
ويقول عبد الغني لموقع تلفزيون سوريا إن “”هذه البيانات ليست لأشخاص لدينا بياناتهم ومعروف مصيرهم سابقاً، وإنما هي حالات جديدة، والمهمة الصعبة هي أنه لدينا حالات جديدة لـ 547 شخصاً قتلهم النظام السوري وأهاليهم لا يعلمون مصيرهم، فكيف سنبلغ هؤلاء الأهالي بمصير أبنائهم””.
ويضيف أن “”كشف مصير هؤلاء الضحايا وإبلاغ أهاليهم يحتاج إلى تدريب هائل وخبرة ومعرفة بالتعاطي مع مسائل حساسة جداً كهذه، وهو أصعب بكثير من أخذ شهادة أو رواية من معتقل سابق، رغم صعوبة الأمرين، فالإبلاغ أمر شاق، ويتعين على المُبلغ مراعاة شعور الأهالي، لأنه يتعاطى مع عائلات مفجوعة بفقد أبنائها، واختفائهم””.وبحسب مدير الشبكة فإن “”عائلات تعيش على الأمل بانتظار أي خبر أو معلومة عن أبنائها، وأمهات تنتظر أبناءها بفارغ الصبر وتحلم بكل لحظة أنه سيخرج، ولكن عند إبلاغها ببيان وفاته يتحطم كل هذا الأمل، ولذا فإن الأمر يحتاج إلى استشعار لخطورة الموقف، والفكرة الأهم أن هذه ليست عملية (بظ) إعلامي””.ونبه عبد الغني أن “”إبلاغ العائلات عن وفاة أبنائهم المعتقلين، أمر خطير جداً وفيه مسؤولية كبيرة، ولذا فإن نشر بيانات الوفاة على الإنترنت بشكل مفاجئ وفوضوي، وقبل التواصل مع عائلات الضحايا والتعامل مع الأمر على أنه بظ إعلامي هو انتهاك لحق هذه العائلات””.
وشدد على أن “”الإبلاغ يجب أن يكون بشكل تدريجي وعلى مراحل، فنحن لدينا هذه البيانات من أشهر طويلة، ومن بين الـ 547 بيان وفاة، أبلغنا فقط 30 عائلة، لأنها تحتاج إلى وقت وجهد وعدة جلسات، حتى تصل إلى مرحلة تجد أن الوضع أصبح مناسباً بعد كل التمهيد، فعندئذ تبلّغ وبطريقة معينة وبعد أيام من بناء العلاقة والثقة مع العائلة””.
وأشار إلى أنه “”بعد تبليغ الأهالي، فإن الكثير من العائلات لا ترغب بنشر أسماء أبنائها، لأسباب تخصهم، فالعائلة هي التي تقدر ذلك وليس نحن، وهذا خيارهم، ولذلك فإن النشر للعلن من دون موافقة الأهل هو كارثة وإساءة للعوائل وإهانة لهم، وسيشكل لهم صدمة””.
ويعتبر عبد الغني أن “”النشر على العلن بطريقة عشوائية، يشبه طريقة النظام السوري الذي أهان العائلات ولم يحترمها، وأبلغهم بطريقة الصدمة عن طريق السجل المدني، ولذا يخدم النظام لأنه يزيد من معاناة الأهالي، بالإضافة إلى أنه يساهم في حرق المصادر التي يتم الحصول عن طريقها على بيانات الوفاة””.”