دمشق، سوريا – في مقابلة واسعة ضمن بودكاست “دفين” الذي يقدمه تلفزيون سوريا، استعرض الأستاذ فضل عبد الغني، مدير ومؤسس الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان، المسار الشخصي والمهني الذي قاده إلى تأسيس واحدة من أبرز المنظمات الحقوقية السورية الموثوقة دولياً.
خلال اللقاء، أوضح عبد الغني أنَّ الثورة السورية في عام 2011 كانت “اللحظة الفارقة” التي غيرت مسار حياته. خرج من سوريا عام 2006 حاملاً معه “الهم السوري” الذي تشكّل من خلال تجربته كابن لمدينة حماة، التي ورثت جرحاً عميقاً من مجزرة عام 1982، بالإضافة إلى نشاطه الفكري والسياسي غير المعلن مع أصدقائه قبل الثورة.
ولادة الشَّبكة من رحم الضرورة
كشف عبد الغني أنَّ فكرة تأسيس الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان لم تكن هدفاً بحد ذاتها، بل جاءت نتيجة لـ “فراغ صارخ” في مجال التوثيق الحقوقي مع بداية الثورة. وأشار إلى أنَّه في الأشهر الأولى انشغل غالبية المعارضين بالعمل السياسي توقعاً لسقوط سريع للنظام.
بعد محاولات متكررة لتزويد منظمات قائمة ببيانات الموقوفين دون جدوى في التعامل معها، قرر عبد الغني، أن يؤسس منظمة تسد هذه الثغرة، معتمداً على هيكلية تنظيمية ومنهجية عمل منذ البداية.
المنهجية والمصداقية: سر الاعتراف الدولي
شدد الأستاذ فضل على أنَّ سر القبول الواسع الذي حظيت به تقارير الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة، ولجنة التحقيق الدولية، ووزارات الخارجية في دول كبرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، يكمن في الالتزام بالمعايير الدولية والموضوعية والمنهجية القانونية.
وقال: “لقد قررت الفصل بين العمل الثوري والحقوقي لتجنب تضارب المصالح. عملنا قانوني وهو ما يتطلب الدقة وتجنب المبالغات التي أضرت بمصداقية الثورة في كثير من الأحيان”. وأضاف أنَّ الشبكة بنت عملها على غرار منظمات دولية عريقة مثل “هيومن رايتس ووتش”، مما أكسبها ثقة الجهات الدولية التي تعتمد عليها كمصدر أساسي وموثوق للمعلومات حول الانتهاكات في سوريا.
شعار “لا عدالة بلا محاسبة“
واختتم عبد الغني حديثه بالتأكيد على أنَّ شعار الشَّبكة “لا عدالة بلا محاسبة” هو عقيدة عمل ورؤية للمستقبل. وأوضح أنَّ كل عمليات التوثيق الدقيقة التي تقوم بها الشَّبكة تهدف في النهاية إلى بناء مسارات للمحاسبة، والعدالة الانتقالية التي لا تقتصر على المحاكمات، بل تشمل الاعتراف بمعاناة الضحايا وجبر ضررهم، بما يؤسس لاستقرار دائم في سوريا.