قال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني، في تصريح خاص لـ”المدن”، إن تقرير اللجنة الوطنية للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل السوري، يمثل “أول تجربة وطنية مهمة” رغم ملاحظات الشبكة على التشكيل والولاية الزمنية، داعياً إلى محاسبة شاملة تشمل جميع الأطراف المتورطة، وطرح إصلاحات بنيوية في منظومة العدالة السورية.
وأمس الثلاثاء، أعلنت اللجنة عن نتائج عملها في مؤتمر صحافي بدمشق، مؤكدة توصلها إلى قائمة تضم 563 مشتبهاً في ارتكاب انتهاكات، وموضحة أنها زارت 33 موقعاً، واستمعت إلى مئات الشهادات.
التقرير لم يأت بجديد
وأكد عبد الغني، أن لجنة التحقيق الوطنية في أحداث الساحل قامت بجهد “مشكور” و”جيد”، ورأى أنها أول تجربة وطنية مهمة في هذا الإطار، رغم أن تشكيلها في بدايته كان موضع ملاحظات من الشبكة.
وأضاف عبد الغني أنه استمع إلى مؤتمر اللجنة الصحافي، ووجد أن النتائج التي أعلنتها اللجنة “معقولة وجيدة”. وأكد أن التقرير لم يأتِ بجديد، بل أكد ما هو معروف ومتداول منذ الأسابيع الأولى للحدث، موضحاً أن الإحصائيات التي أوردها التقرير تتطابق إلى حد كبير مع ما وثقته الشبكة خلال الأيام الخمسة الأولى من الأحداث، حيث أُحصي نحو 823 ضحية حينها، ارتفع الرقم لاحقاً إلى حوالي 1500 قتيل في الساحل، إضافة إلى نحو 400 من عناصر الأمن ومدنيين قتلوا على يد “الفلول”، ليكون المجموع بين 1800 إلى 1900 ضحية. كما لفت عبد الغني إلى أن الأرقام التي تحدثت عن 5000 و7000 وحتى 10000 ضحية كانت مبالغات من جهات غير مهنية، لا تعتمد أية منهجية في التوثيق.
ورأى عبد الغني أن توصيات اللجنة كانت “جيدة ومنصفة لجميع الضحايا”، لكنه أشار إلى تحفظ أساسي وهو أن التقرير حدد الولاية الزمنية من 7 إلى 9 آذار، بينما بدأت الانتهاكات فعلياً منذ 6 الشهر واستمرت حتى نهاية آذار/مارس ولم تتوقف بشكل كامل، وهو الأمر الذي يعني أن فئات من الضحايا لم يشملهم التحقيق، على حد تعبيره.
وشدد عبد الغني على أن “الكرة باتت الآن في ملعب السلطات السورية”، مضيفاً: “يجب على النائب العام اعتقال كل من وردت أسماؤهم في التقرير، سواء كانوا من الفلول أو من الفصائل أو من الأمن أو من الجيش. نحن تعرضنا إلى هجوم شديد عندما قلنا إن الجيش والأمن ارتكبوا انتهاكات، لكن هذا ما حدث فعلاً. ومن يظن أن التغطية على هذه الوقائع يفيد الدولة فهو مخطئ، لأن الكشف عن الحقيقة يخدم مؤسسات الدولة، لا يضعفها”.
كما دعا عبد الغني إلى إصلاحات هيكلية عميقة، تبدأ باستقلال القضاء عن السلطة التنفيذية، عبر إعادة تشكيل مجلس القضاء الأعلى بحيث يتكوّن من قضاة مستقلين وخبراء قانونيين وممثلين عن المجتمع المدني. وأضاف أن الإعلان الدستوري الحالي وملاحقه يحتاجان إلى تعديل جذري، لا سيما بما يخص المحكمة الدستورية العليا، التي لا يجوز أن تبقى معينة بالكامل من قبل السلطة التنفيذية.
وختم عبد الغني تصريحه بالقول: “نطالب ببدء عملية تعويض شاملة للضحايا، والاعتراف بما تعرضوا له من جميع الأطراف، من دون انتقائية، وتأسيس لجنة تحقيق وطنية مستقلة في أحداث السويداء، تستفيد من تجربة لجنة الساحل، وتمنح المجتمع المدني المستقل دوراً جوهرياً في التحقيق، بما يسهم في ترميم ما حدث ويفتح باباً حقيقياً للمصالحة”.