برز الملف السوري مرة أخرى على طاولة النقاش داخل الاتحاد الأوروبي، الشهر الماضي، بعد أن دعا وزراء خارجية كرواتيا وإدارة قبرص اليونانية والنمسا وجمهورية التشيك وإيطاليا واليونان وسلوفاكيا وسلوفينيا الكتلة إلى “مراجعة وتقييم” موقفها السياسي تجاه سوريا.
وفي رسالة مشتركة، اقترح الوزراء الأوروبيون تعيين ما يسمى “مناطق آمنة” داخل تلك التي يسيطر عليها النظام السوري، وإنشاء منصب مبعوث للاتحاد الأوروبي وسوريا لتولي مهمة إعادة السفير السوري إلى بروكسل.
يرى مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني، أن الرسالة التي تقدم بها الوزراء “رسمية”، وإنما وثيقة تهدف إلى المناقشة داخل الاتحاد الأوروبي وقدمتها 8 دول “هامشية وغير فعالة في الملف السوري، وبالتالي فإن تأثيرها سيكون محدودا”.
وفي تصريح للجزيرة نت، وصف عبد الغني هذه الخطوة بـ”التجربة الفاشلة” ومضيعة للوقت لأن بشار الأسد سيطلب من الدول الغربية -كما فعل سابقا مع الدول العربية- دفع ملايين الدولارات لإعادة إعمار المناطق التي هرب منها اللاجئون دون تحديد موعد معين لعودتهم”.
ويتمثل تقييم الموقف الأوروبي من سوريا في التخلي أيضا عن “اللاءات الثلاث” (لا للتطبيع، لا لرفع العقوبات، لا للإعمار دون تحقيق تقدم ملموس في العملية السياسية)، مما يعني أن تطبيع العلاقات بين النظام السوري وأوروبا سيؤدي إلى نهاية العقوبات الأوروبية الواسعة النطاق على البلاد.
وفي هذا السياق، يرى عبد الغني أن ملف الهجرة هو المحرك الأساسي لطرح هذه الوثيقة الأوروبية للنقاش، قائلا إن “إيطاليا تدرك جيدا أن الأسد رئيس دكتاتوري وقد انتقدته سابقا في عدة مناسبات، مما يعني أن ملف اللاجئين السوريين هو الذي حرّك هذه الدول التي يقودها -في معظمها- اليمين المتطرف”. ولهذا، “تسعى روما إلى الضغط داخل الاتحاد الأوروبي باتجاه منع استقبال اللاجئين وإصدار قوانين جديدة بهذا الشأن”.
وعلى عكس رغبات الدول الأوروبية، يتوقع مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن هذا التوجه سيؤدي إلى توليد أعداد أكبر من اللاجئين لأن تفعيل الدور الأوروبي “الضعيف حاليا” بالحل السياسي، هو الحل الوحيد لعودة مئات آلاف اللاجئين إلى وطنهم.
ولفت إلى أن الموجة العنصرية التي تعرض لها اللاجئون السوريون في تركيا أسهمت في تعزيز التخوف الأوروبي من زيادة تدفق المهاجرين.
أما بخصوص سياسة الدول الأوروبية، فيعتبر عبد الغني أنها “تعلم جيدا أن الأسد مجرم حرب لكنها ترغب في عودة العلاقات الثنائية جزئيا بسبب الهجرة وأسباب أخرى، مثل تخفيف وصول مخدر “الكبتاغون” إلى إيطاليا الذي كان مصدره النظام السوري”.